طوال عمره ظل يحب الليل و يكرهه في آن واحد
تلك الليلة أراد أن يقضيها خارج المنزل مع أي صحبة كانت
بدأ ليلته بشرب النيبذ الأحمر .. طعمه مسكرا و أكثر منه
لاذعاً .. طالما فكر أنه يشبهه بطريقة أو بأخرى .. أرا د أن يشعر أن يشعر أنه خارج حدود الوقت .
ذهب إلى أكثر من مكان و جلس إلى أكثر من رفقة .. تحدث في
عدة مواضيع .. و لكنه وجد نفسه فى النهاية أما باب منزله و الليل مازال طفلاً
بدأ طقوسه الليلية بسماع صوت فيروز ليكون خلفية موسيقية
... لقد رافقه صوت فيروز طويلاً .. في صباه و مراهقته حتى عندما أراد أن ينفض جلده
القديم و يترك حياته القديمة بكل ما فيها لم يستطع أن يترك صوتها .
بدأ بإعداد قهوته و ظل يفكر في أن القهوة لها حالتها
المزاجية الخاصة بها تبعاً لو قتها و صانعها .. فالقهوة التي يشربها فى العزاء غير
التي يشربها فى نهار شتوي مع حبيبته فى مقاهي و سط البلد
و القهوة من يد أمه غير التي تصنعها له حبيبته غير تلك
التي يشربها على المقهى .. لكل منها طعم و مزاج خاص
حاول أن يهرب من ذاكرته التي تخونه دائماً و تذكره
بأشياء لا يريد أن يتذكرها و من تداعى أفكاره .. و يستمتع بفنجان القهوة و
السيجارة فى الشرفة وحيداً فى الليل محاولاً تخيل ما يحدث وراء النوافذ القليلة
المضاءة في ذلك الوقت من الليل .. و لكنه لم يستطع أن ينتصر على عقله ووجد نفسه في
النهاية وجهاً لوجه أمام حائط ذكرياته .
رأى أمامه أسوأ مشاهد حياته .. حاول أن يرجعها مكانها
للجزء المنسي من ذاكرته فوجد نفسه أما طفولته التي طالما أحبها و مراهقته التي
أحبها لوقت ثم كرهها بعد ذلك .
طالما أحب الليل سواء كان وحيداً أو برفقة أحد و طالما
كرهه
كل ليلة يحاول أنا يهرب من تداعى أفكاره ومن عقله الذي
يصور له أسوأ السيناريوهات لحياته .. حتى ظن أنه على شىء من الخبال .. و يفكر في كل ليلة لماذا لا يكون عقله ببطارية
حتى يرتاح قليلاً
للوحده ليلاً متعة لاذعة و الليل غواية يصر أن يخوضها
لنهايتها و لايدري أين ستلقى به ولا يستطيع منها هروباً
نظر للسماء فوجد النور أوشك على الظهور . . فكر فى تمشية
في ذلك الوقت و لكنه تناول قرصاً منوماً و القى بجسده على السرير