...................................................................................
ودلوقتي بقي مع قصتي الجديدة
ويا رب تعجب ..
ويا رب يعجبك الشعر التافه اللي أنا كتبه ..
وووووووو بسسسسسسسسسسس
خالد
* * *
إلي سور السفينة المنطلقة ْ..
مستندا ً أنا كنتْ ..
سورٌ قبيحٌ كانْ وسفينة ٌخربة ٌكانتْ ..
ومشتاقٌ أنا كنتْ ..
إلي وجهتي الخيالية ْ..
التي لم تلحْ في الأفق بعدْ ..
* * *
يخرج دخان السيجارة من بين شفتي علي هيئة عامود رفيع .. سرعان ما يتشتت في الهواء،
يتوهج طرف السيجارة المشتعل بفعل النفس الطويل الذي أسحبه منها ،
من جديد ينطلق عامود الدخان في الهواء.. ثم ما يلبث أن يتلاشي دفعة واحدة ،
يتلاشي بسرعة كما ظهر بسرعة ...
كم هي قصيرة حياتك أيها الدخان ...
* * *
والشمسُ تحلقُ عالية ً ..
في كبرياءٍ شديدٍ ..
ولهيبٍ أشدٍ ..
والسماء ُصافية ٌ ممتدة ْ..
يتماهي لونُها الأزرق ْ..
مع سطح البحر الممتدْ ..
* * *
لفتت إنتباهي بقعة سوداء كبيرة تنساب من أسفل السفينة لتفترش سطح الماء.
بقعة سوداء سرعان ما تتحول إلي خط طويل ... خط أسود طويل ينساب من أسفل السفينة المنطلقة.
-"أمر معتاد يا (سالم) ..إنها مخلفات ماكينات السفينة".
قالها لي محدثي ، والذي كان صديقا لوالدي رحمه الله.
-"يبدو إن كل مايخص هذه السفينة أمر معتاد يا عم (علي)."
قلتها في حنق وسحبت آخر أنفاس السيجارة قبل أن أرميها علي إمتداد ذراعي في البحر،
ثم تابعت كلامي بإحتداد:
-"لحوم الجمعيات الرخيصة والتي يطعموننا إياها .. أمر معتاد ،
مياه الشرب التي يقطعونها عنا منذ بدأت في النقصان .. أمر معتاد ،
التكييف المركزي الذي يفصلونه كثيرا لإن المولدات لا تحتمل .. أمر معتاد".
إستدار محدثي وإرتكن بظهره إلي جدار السفينة وولي وجهه شطر الركاب المتكدسون
في بؤس شديد.
صمت قليلا حتي ظننت أنه لن يرد علي ، ولكنه رد أخيرا بصوته العميق والذي أحسست فيه
بنبرة إشفاق :
-"يبدو إن آثار ما فعلته تلك الإيطالية لم تنمحي بعد".
إستدرت مثله مرتكنا بظهري إلي جدار السفينة ، وقلت له في نفاد صبر:
-"من فضلك يا عماه لا أريد الخوض في هذا الموضوع".
-"كما تشاء يا ولدي .. كما تشاء".
كانت هذه جملته الأخيرة لي ، قبل أن يتركني ليذوب وسط الزحام المتكدس
علي سطح المركب .
عقدت ساعداي أمام صدري..ومعهما إنعقد حاجباي .. إلتفت مرة أخري إلي البحر.
أحسست بتأنيب الضمير بسبب إحتدادي علي الرجل .. إلتمست لنفسي الأعذار
فأنا أكره تراخيه وإعتياده مثل هذا الإهمال ..بالإضافة إلي تدخله في شئوني
الخاصة كما لو كنت طفلا صغيرا يحتاج إلي رعاية.
* * *
والنورسُ هنالك طائرا ً ..
عند إلتقاء السماء بالبحر في خط ْ..
صيحاتهم تنتشر في الفضاءْ ..
تعلو علي كل صوتْ ..
كم أنتم أحرارا أيها النورس ْ..
وكم انا حبيسٌ .. تائه بين ألفِ سدْ ..
* * *
كانت الشمس توشك علي المغيب،وكنت لازلت واقفا في مكاني،
عندما بدأت الكلمات المتناثرة تصل إلي أذني.
-"حريق .. الماكينات .. سنغرق."
إلتفت بسرعة لأجد الفوضي بدأت تدب في الجموع المستكينة البائسة..
بدأ الصياح يعلو..الخوف والقلق يطل من العيون.
-"لا تجزعوا .. تحت السيطرة .. عطل طارئ."
كانت هذه من الطاقم ، ليهدأ الركاب قليلا ، وإن كان أثر هذه الزوبعة
لن ينمحي بسهولة هكذا ، فما زالت النار مستعرة في الصدور.
كما إن أداء هذه السفينة لا أعتقد أنه سيزيد كثيرا عن أداء زميلة
أخري ذات صولات وجولات في عالم البحار تدعي (نورماندي تو)
وقبطانها الشهير (إبن حميدو)..
-"حريق .. الماكينات .. سنغرق."
من جديد تدوي نفس الكلمات ..
وما أصاب الركاب بالجنون هذه المرة دخان كثيف يخرج من السفينة ،
وميل شديد في جانبها.
صياح .. عويل .. ذعر .. هرج ومرج وكل هذه المظاهر المعتادة في الكوارث.
كلهم خائف إلا أنا.
كنت أشعر بالدهشة لما يحدث حولي ، فقط الدهشة والإنبهار كما لو كنت أتابع
فيلم (تايتانيك) الشهير ، ولو أنصفت لقلت أني كنت مستمتعا أيضا.
فماذا سيجدي الذعر ، فأنا لا أجيد السباحة إطلاقا ، فلن أستطيع مساعدة نفسي ،
فما بالك بمساعدة أحد آخر.
لن أضيع مشاهدة مثل هذا الموقف المثير في محاولات يائسة للتشبث بحياة كئيبة
مليئة بالتفاهات.
* * *
وتم الأمر في سرعة ْ ..
وضاع المركب في الظلمة ْ ..
ومن كان يصارع .. سَلمَّ ..
فما الفائدة !.. فما الجدوي! ..
* * *
لم يمر وقت قصير حتي كنت وسط المياه الباردة ، أصارع الأمواج العالية..
عتمة الليل تلفـّني ..
يبدو إن هناك ناجين لإني أسمع أصوات بعيدة تستغيث..
لم أكن أري شيئا حولي بفعل الظلام ..
راحت الدهشة والإنبهار .. وحل محلهما الخوف والذعر.
-"هل هذا أمر معتاد أيضا يا عماه..!"
لم أجد الوقت لمزيدا من التهكم المرير لإن الموجة الأخيرة كانت قد غطتني تماما.
* * *
آخر صيحاتك تطلقها ..
خوفا ً.. سخرية ً.. لاتدري ..
والموت وإن كنت ببرج ٍ ..
قدرٌ محتوم ٌ.. يا ولدي ..
* * *
-"(سالم) .. (سالللللللللللللم) ."
-" أفـــــــــــــــــق."
جفناي الثقيلان ينفرجان ببطء .. صورة مشوشة ..
-" حمدا ً لله إنك حي."
ضوء باهر يؤلم عيناي .. هل أنا ميت؟ ..
تتضح الصورة رويدا .. هذا عم (علي) .. أنا لم أمت ..
ولكني كنت لازلت طافيا علي سطح المياه ، أرتجف من البرد.
الشمس ساطعة في السماء .. وتلك الخشبة التي أتعلق بها غريزيا هي ما يجعلني أطفو.
كنا ثلاثة .. أنا وعم (علي) وولد صغير مربوط بحبل إلي الخشبة المتعلق أنا بها.
-"أنا أجيد السباحة يا ولدي .. وكنت علي علم بعدم قدرتك علي السباحة ..
بحثت عنك كثيرا حتي وجدتك تصارع الموج بلا جدوي .. أنقذتك في اللحظة الأخيرة
قبل أن تغوص في الأعماق."
-"شكرا لك يا عماه .. أنا مدين لك بحياتي."
-"أنت إبني الذي لم أنجبه."
-"وماذا عن هذا الولد المربوط بالخشبة؟"
-"لا أدري .. كنت طوال الليل أسبح بك حتي كاد التعب يقضي علي ..
لم أتركك بالرغم من عدم تأكدي من كونك حيا أو ميتا."
نظرت له في أمتنان شديد ، بينما تابع هو دون أن يلحظ ذلك.
-"مع أول خيوط الضوء ظللت أتلفت حولي كالمجنون .. لابد من حل ما .. لن أظل أسبح هكذا للأبد..
وفجأة وجدته .. طفل صغير مستلقي علي تلك الخشبة .. تعجبت من بقاؤه هكذا عليها طوال الليل ..
وعندما وصلت له وجدته مربوطا بحبل إلي هذه الخشبة .. حمدت الله كثيرا
وأخذت أحاول إفاقتك حتي أفقت."
-"وما العمل يا عماه؟"
-"كل شيء بيد المولي الآن .. سنحاول البقاء أحياء لأطول فترة ممكنة .. عسي ان يجدنا أحد."
* * *
وتطلُ الشمسُ .. تبحثُ عنهم ْ..
تنظرْ .. تدققْ .. فتجدهمْ ..
حمدا لله .. ليسوا موتي ..
حمدا لله .. ومن ينقذهم! ..
* * *
ســــــــــــــــــــــــــــــاعات تمر .. وتوشك الشمس علي المغيب .. والولد لازال فاقدا الوعي ..
وما من أثر لمخلوق علي مد البصر .. الجوع يعصف بالبطن .. الخدر يسري في الأوصال ..
-"لن أتحمل أكثر من هذااااااااااااااااااااا."
-"إصبر يا بني."
* * *
يتقاطر من شعرك ماءٌ ..
تتساءل في نفسك حقا ً..
ما أنت فيه هو الأفضلْ ..
أم يُؤتي علي عجل ٍ موتا ً..
* * *
-"لولم يكن مالك هذه السفينة جشعا طماعا .. لولم تكن هذه السفينة خربة لهذه الدرجة ..
لولم يكن طاقم السفينة بهذا السوء .. لو توافرت زوارق النجاة .. ولكن لايفيد الندم الآن."
-"آمل أن تقتص منه عدالة السماء .. هذا الجشع الطماع .. ماذنب كل من غرقوا ..
ولكنه التسيب والجشع الذي سمح لمثل هذه الخردة أن تبحر .."
* * *
مأساة ٌ.. ما ندري لماذا ..
غباءا ً .. إهمالا ً .. أم نهما ً ..
ولعلهْ ثلاثتهمْ مجتمعينْ ..
هو ما يمكن أن يُدعي سببا ً..
* * *
-"(سالم) لا أأاأســســـســتطيع .."
* * *
بحرٌ هادئْ .. بحرٌ باردْ ..
وشمسٌ غاطسة ٌفي الدم ِ ..
ورجلٌ وولدٌ مرتعدٌ ..
ورجلٌ وما سرُ الولدِ ..
* * *
-"كــــــــــــــــح كح كح .."
-"حمدا ً لله إنك حي .."
-"ما أسمك يا صغير؟"
-"علاء."
-"وأين والديك؟"
-"لقد غرقا مع السفينة .. أمي لم تكن تجيد السباحة .. غرقت علي الفور ..
وأبي إنهار فوقه سقف الحجرة قبل غرق السفينة .. بالكاد ربطني إلي تلك
الخشبة قبل أن يغرق."
-"لا تحزن يا بني لفقدك والديك ."
-"ومن قال إني حزين .. بالعكس إني مبتهج."
-"مبتهج .. يا لك من أحمق .. هل ذهب عقلك؟"
-"أبدا .. ولكن لم الحزن؟ .. وأبي أعرف أنه سيدخل الجنة مع أمي .. أبي قال لي أن الطيبون
يدخلون الجنة .. وأنا أصدقه ..لأنه لم يكذب علي من قبل .. كما إن أبواي كانا طيبان."
-"هل لك أقارب؟"
-"لي خالة وحيدة .. سأعيش معها .. لإنها لم تنجب وتعتبرني إبنا لها."
-"وهل تتوقع لنا النجاة .. منذ يوما كاملا ولم يدخل جوفي سوي ماء البحر المالح ..
تكاد أوصالي أن تنفصل من التعب .. وأنت تتشدق بكل سهولة هكذا عن خططك المستقبلية في الحياة ..
ما أعرفه هو أنه لو إستمرالحال هكذا ساعة واحدة أخري .. فأنا علي إستعداد تام لأريح نفسي بالموت..
ولن أكون نادما."
-"وأين الأمل في الحياة .. قاتل يا رجل من أجل حياتك .. لا تكف عن المحاولة حتي آخر رمق ..
أبي دوما يخبرني أن الجبناء هم من يكفون عن المحاولة دوما."
-"هاهو أباك قد مات."
-"مات بعد أن حاول قصاري جهده .. ولما إستيقن من نهايته .. ربطني لعلي أستطيع النجاة ..
وما حييت لن أنسي إبتسامته لي قبل أن يأخذه البحر لأسفل."
-"هذا لو حييت؟"
-"يا لك من متشائم .. أتعلم شيئا؟.. لو تركتني أنت الآن وغرقت .. فلن أجزع .. سأظل أقاوم حتي
أجد مخرج .. وحتي آخر نفس .. فهذا ما كان أب يطلبه مني دوما .. هيا .. هلم إفعلها ..
أترك جسدك للبحر .. كف عن المقاومة .. لا تحاول وضع نهاية جيدة لحياتك ..
بل إجعلها نهاية سيئة.. هلم .. ماذا تنتظر؟"
* * *
ولدٌ صغيرٌ .. كنت تظنه ْ..
وروحك نوّر آمالــــــها ..
وما قاله لا تدري حقا ..
حِكمٌ .. وأين تعلمها؟ ..
* * *
كانت أولي خيوط الضوء توشك علي هتك ستر الظلام ..
البرد قد إشتد..
يوما ً ونصف يا (سالم) ولا زلت سابحا .. وأنت الذي لا يجيد السباحة إطلاقا ..
يوما ً ونصف يا (سالم) ورأسك يتهاوي يكاد ينفصل عن جسدك ..
يوما ً ونصف يا (سالم) والولد الصغير أمامك يكاد يفقد وعيه من شدة التعب والإعياء ..
جوع يكاد يمزق بطنك .. الألم يعصف بكيانك ..
هل ستظل هكذا للأبد يا سالم ..
بووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووت
بووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووت
هل تحلم يا (سالم) أم هذا هو صوت باخرة ..
هل هذا السواد في الأفق هو باخرة عملاقة حقا ..
أم هو ملاك الموت يستعد لإن دورك قد حان ..
لا يجدي التساؤل .. ما أعرفه الآن إني لن أقدر علي المواصلة ..
-"عذرا يا صديقي الصغير .. لقد حاولت قدر إستطاعتي .."
* * *
آخر صيحاتك تطلقها ..
خوفا .. سخرية .. لاتدري ..
والموت وإن كنت ببرج ٍ ..
قدر محتوم .. يا ولدي ..
* * *
واقفاعلي شط الميناء .. تتطلع إلي شروق الشمس في شرود ..
يومان علي متن الباخرة فاقدان الوعي تماما ..
وبالرغم من ذلك حييتما أنت والولد الصغير ..
وعندما لمست قدمك الأرض هذه المرة ..
كان شعورك مختلفا تماما ..
* * *
ومن خلفي .. أشرقت الشمسُ ..
وأمامي طريقُ ممتد ُ..
قد فرّ النورسُ من أسرِهْ ..
وطار منتظما ً في السَرْبِ ..
* * * تمت * * *
خالد شريف
23 / 3 / 2006
2 comments:
3adyia we sahal we baseta we gamela we ma7senash beha ella ba3dek ya 5aled ,allah yer7mak we yeg3alak men sokan elgana isa , ,,,,, safwan ya ret teb2a tenazel ba2y ketabat 5aled fe elplog men wa2t leltany ....this will be great thing to do , ,,,,,,
alah yer7amak yarab yarab ya khaled walahe malhash 7al ana mesh mesda2 walahe ely ana 2aretoh rabena yeg3alha fe mezan 7asanatak ya khaled ya rab
Post a Comment